فى: الإثنين - فبراير 05, 2024 Print
تتجه أنظار المجتمع التجاري الدولي إلى العاصمة أبوظبي التي تستعد لاستضافة المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في 26 فبراير الجاري، برئاسة دولة الإمارات وبمشاركة وفود 164 دولة عضواً في المنظمة، وسط آمال كبيرة بأن يدشن أكبر حوار عالمي للمفاوضات التجارية، نقطة انطلاق جديدة لإعادة تشكيل مستقبل النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف.
ويحظى المؤتمر الذي يُقام في مركز أبوظبي للمعارض، ويمتد حتى 29 فبراير الجاري، باهتمام عالمي واسع بالنظر إلى ما تتضمنه أجندته من ملفات وقضايا ذات أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي، والتي يمكن أن يشكل إحراز أي تقدم في أحدها إنجازاً نوعياً في مسيرة التجارة العالمية، لاسيما محادثات أجندة إصلاح المنظمة ونظام تسوية المنازعات واتفاقية دعم مصائد الأسماك ومحادثات الزراعة وتسهيل الاستثمار ودعم التجارة والبيئة، بالإضافة إلى تبني تقنيات جديدة لتحسين كفاءة سلاسل التوريد واستدامتها.
ويأتي انعقاد المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية (MC13) في أبوظبي، والذي يرأسه معالي الدكتور ثاني الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، في وقت تشهد فيه حركة التجارة الدولية العديد من التحديات التي يسعى المؤتمر للتغلب عليها.
ويعتبر المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية أحد أهم الأحداث في مسيرة منظمة التجارة العالمية الحديث، فبعد النجاحات التي حققها المؤتمر الوزاري الثاني عشر، والذي توصل إلى اتفاقيات تاريخية مهمة بشأن قضايا مثل التأهب للأوبئة، وحقوق الملكية الفكرية، وإلغاء حظر تصدير الأغذية ودعم مصايد الأسماك، فيما أصبح يعرف باسم «حزمة جنيف»، يوفر المؤتمر الثالث عشر الآن فرصة لتحقيق إصلاحات مؤثرة في منظمة التجارة العالمية نفسها، والدخول في موجة جديدة من الإجراءات التي ستحمي مستقبل المنظمة، باعتبارها هيئة دولية موثوقة تشرف على النظام التجاري متعدد الأطراف.
ويُعد المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي ينعقد مرة كل عامين، بمثابة الهيئة العليا لصنع القرار في المنظمة والمشكلة من جميع أعضاء المنظمة من دول واتحادات جمركية، ويمكنها اتخاذ القرارات بشأن جميع المسائل ضمن نطاق الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، ويمثل حدثاً جوهرياً لدعم الجهود الدولية لتنشيط حركة التجارة، وضمان أن تحظى كل دولة وكل مجتمع بإمكانية الوصول العادل إلى الأسواق العالمية.
مشاورات تحضرية مكثفة
ومنذ أشهر مضت، تشهد أروقة منظمة التجارة العالمية في جنيف، مباحثات ومشاورات رسمية وغير رسمية مكثفة بين ممثلي الدول الأعضاء حول القضايا والمواضيع ذات الأولوية التفاوضية لأعضاء منظمة التجارة العالمية في الفترة التي تسبق المؤتمر الوزاري الثالث عشر (MC13) في أبوظبي، والمجالات التي يدرس فيها الأعضاء أجندة إصلاح المنظمة.
وتبرز الأولوية الرئيسية للمؤتمر الوزاري الثالث عشر في البناء على إنجازات المؤتمر الوزاري السابق المنعقد في جنيف خلال شهر يونيو 2022، وذلك من خلال اختتام الموجة الثانية من المفاوضات بشأن دعم مصايد الأسماك وضمان دخول اتفاقية دعم مصايد الأسماك حيز التنفيذ، لاسيما بعد إيداع 56 عضواً بالفعل وثائق قبولهم لاتفاقية دعم مصايد الأسماك، وهو نصف العدد المطلوب لدخولها حيز التنفيذ، ويجري العمل على المزيد منها.
وتشمل أولويات التفاوض الأخرى، إصلاح نظام تسوية المنازعات وتمديد فترة الوقف الاختياري لفرض الرسوم الجمركية على عمليات النقل الإلكتروني، والتي ستنتهي إذا لم يجددها الأعضاء في المؤتمر الوزاري الثالث عشر. بالإضافة إلى ذلك، يدرس الأعضاء ما إذا كان سيتم توسيع نطاق قرار اتفاق تريبس بشأن لقاحات (كوفيد-19) المعتمدة في المؤتمر الوزاري الثاني عشر ليشمل تشخيصات وعلاجات (كوفيد-19). مع مواصلة المفاوضات بشأن الزراعة في ظل ما يشكله الأمن الغذائي من أولوية مهمة، وذلك رغم وجهات النظر المختلفة حول قضايا مثل المخزون العام لأغراض الأمن الغذائي والدعم المحلي والوصول إلى الأسواق.
صياغة مسودات النصوص
وتسهم الاجتماعات المنتظمة للمجلس العام لمنظمة التجارة العالمية، وهي المنظمة العالمية الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة ما بين الأمم، واللجان وكذلك اجتماعات المجموعة والخلوات غير الرسمية التي تسبق المؤتمر الوزاري في بناء الثقة بين الأعضاء، وتسهيل التوصل إلى صياغة نهائية لنصوص الاتفاقيات التي ستقدم خلال المؤتمر الوزاري الثالث عشر.
وناقش أعضاء منظمة التجارة العالمية خلال اجتماع المجلس العام، الذي انعقد على مدار يومين في جنيف منتصف شهر ديسمبر الماضي، سبل الحد من الإعانات الحكومية الضارة، وضمان رؤية واضحة لسوق التجارة الإلكترونية العالمية، وتوسيع الوصول إلى التكنولوجيات الطبية المهمة، ومساعدة البلدان النامية، والبلدان الأقل نمواً على وجه الخصوص، على جني أكبر فوائد ممكنة من النظام التجاري العالمي.
وخلال الاجتماع، دعا معالي الدكتور ثاني الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، رئيس المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، خلال الكلمة الافتتاحية لاجتماع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية، ضرورة تكثيف الجهود لسد الفجوات المتبقية ضمن عضوية المنظمة بشأن القضايا الرئيسية التي يحتاج المجتمع الدولي، والشركات الكبيرة والصغيرة، إلى اتخاذ إجراءات بشأنها، وبناء الإجماع حول القضايا ذات الأولوية، مثل تجديد الوقف الاختياري للرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية، وتوسيع القدرة على الوصول إلى السلع الطبية، وتضييق الخلافات بشأن الزراعة، وتحقيق نتائج ملموسة للدول النامية، ودعم الجهود الدولية لتنشيط حركة التجارة عبر تعزيز آليات تسوية المنازعات وتبني تقنيات جديدة لتحسين كفاءة سلاسل التوريد.
مفاوضات الزراعة
ووفقاً لمنظمة التجارة العالمية، تم خلال اجتماع هيئة مفاوضات الزراعة والذي جرى بمقر المنظمة في 30 يناير الماضي، تقديم مسودة نص تفاوضي للنظر فيه من قبل الدول الأعضاء، والذي يمكن أن يكون بمثابة أساس مفيد للمفاوضات بين أعضاء منظمة التجارة العالمية قبل المؤتمر الوزاري الثالث عشر (MC13)، في الفترة من 26 إلى 29 فبراير.
وبدأت مفاوضات منظمة التجارة العالمية بشأن التجارة الزراعية في عام 2000 بموجب المادة 20 من اتفاقية الزراعة. وأسفرت المؤتمرات الوزارية في عامي 2015 و2013 عن بعض النتائج، في حين شهد المؤتمر الأخير في عام 2022 موافقة الوزراء على إعلان بشأن الأمن الغذائي وقرار بشأن المساعدات الغذائية كجزء من حزمة أوسع. ومع ذلك، لم يتوصل المفاوضون بعد إلى اتفاق بشأن العديد من الموضوعات التي لم يتم حلها على جدول أعمال المفاوضات.
محادثات إصلاح المنظمة
وفيما يتعلق بإصلاح منظمة التجارة العالمية، عكست المباحثات الجارية اتفاق الجميع على أن منظمة التجارة العالمية بحاجة إلى الإصلاح، مع اختلاف وجهات نظر الأعضاء بشأن مجالات الإصلاح التي يمكن تلخيصها في ثلاثة مجالات، تشمل إصلاح نظام تسوية المنازعات، والتفاوض على قواعد جديدة ومراجعة القواعد الحالية، وإعادة تنشيط الوظيفة التداولية للمنظمة.
وشهدت الفترة الماضية إطلاع أعضاء منظمة التجارة العالمية على آخر التطورات في المناقشات غير الرسمية الجارية حول إصلاح تسوية المنازعات وخطط العمل للمحادثات في الأسابيع المقبلة في اجتماع هيئة تسوية المنازعات (DSB) في 26 يناير الماضي، بناء على تكليف الأعضاء في المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية بإجراء المناقشات، بهدف وجود نظام فعال لتسوية المنازعات ومتاح لجميع الأعضاء بحلول عام 2024.
وتعتبر جميع الوفود المنخرطة في المناقشات الجارية، إصلاح تسوية المنازعات قضية ذات أولوية للمؤتمر الوزاري الثالث عشر المقبل في أواخر فبراير وما بعده، مشيدين بالعمل الذي تم إنجازه من تقدم حتى الآن في المشاورات غير الرسمية حتى الآن والذي ينبغي الحفاظ عليه لما يشكله من أهمية يمكن البناء عليها عند «إضفاء الطابع الرسمي» الذي قالت إحدى مجموعات الوفود، إنه ينبغي إضفاءه على المناقشات غير الرسمية في المؤتمر الوزاري الثالث عشر.
مفاوضات مصايد الأسماك
اتفق أعضاء منظمة التجارة العالمية في 15 يناير الماضي، على استخدام أحدث مسودة نص بشأن الحد من الإعانات التي تساهم في الصيد الجائر والمفرط، كأساس للمفاوضات قبل المؤتمر الوزاري الثالث عشر (MC13)، بهدف مساعدة الأعضاء على التوصل إلى اتفاق خلال الأسابيع الأربعة المقبلة بشأن نص «نظيف» لتقديمه إلى الوزراء.
وفي 21 ديسمبر الماضي، تم تعميم أحدث مسودة نص ارتكزت على مقترحات الأعضاء ومداولاتهم، وتم إتاحة الفرصة للأعضاء في اجتماع 15 يناير الماضي لتقديم ردود أفعالهم الأولية على النص الذي مازال قيد المراجعة حتى 9 فبراير الجاري، قبل الموعد المحدد في 14 فبراير لإحالة النص المنقح إلى الوزراء في الاجتماع الوزاري الثالث عشر.
وبالإضافة إلى تنفيذ الموجة الثانية من المفاوضات بشأن مصايد الأسماك، تأمل المنظمة أن تدخل اتفاقية دعم مصايد الأسماك حيز التنفيذ بحلول المؤتمر الوزاري الثالث عشر أيضاً، حيث يعمل العديد من الأعضاء على لإيداع مصادقتهم على الاتفاقية التي تم اعتمادها بالإجماع في المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية (MC12) الذي عقد في جنيف في 12-17 يونيو 2022، وهي تحظر دعم الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم (IUU)، وتحظر دعم صيد الأسماك الجائرة، وتنهي الإعانات المقدمة لصيد الأسماك غير القانونية وغير المنظمة في المياه الإقليمية وأعالي البحار.
صندوق تمويل مصايد الأسماك
وعقدت اللجنة التوجيهية لآلية تمويل مصايد الأسماك التابعة لمنظمة التجارة العالمية اجتماعها الأول في 31 يناير للاستعداد لتقديم المساعدة للأعضاء من البلدان النامية والبلدان الأقل نمواً لمساعدتهم على تنفيذ اتفاق دعم مصايد الأسماك، بما يضمن أن تكون المساعدة جاهزة لتقديمها بمجرد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
ويرتبط إنشاء الصندوق بالموجة الثانية الجارية من المفاوضات، والتي يتطلع أن يختتمها الأعضاء في المؤتمر الوزاري الثالث عشر بوضع ضوابط إضافية بشأن إعانات مصايد الأسماك التي تساهم في الصيد الجائر والمفرط للأسماك في المياه الإقليمية وأعالي المحيطات.
وجرى خلال الاجتماع إجراء مناقشات أولية حول أربعة مجالات: إجراءات الحوكمة، والمبادئ التوجيهية للمشاريع ومنح إعداد المشاريع، وخطط الرصد والتقييم، واستراتيجيات الشفافية والمشاركة. وتم إنشاء مجموعات عمل لمزيد من العمل في هذه المجالات.
ونظراً لأن الاتفاقية الجديدة بشأن دعم مصايد الأسماك ستتضمن تعديلات وتحسينات على الأطر التشريعية والإدارية لأعضاء منظمة التجارة العالمية، والتزاماتهم بالشفافية والإخطار، وسياساتهم وممارساتهم في إدارة مصايد الأسماك، فإن المادة 7 من الاتفاقية تنص على إنشاء آلية تمويل طوعية لدعم مصايد الأسماك. تقديم المساعدة الفنية المستهدفة وبناء القدرات لمساعدة البلدان النامية وأقل البلدان نمواً في التنفيذ.
المصدر : الاتحاد
Last Updated 1 hours ago
© جميع الحقوق محفوظة 2017 - 2024